لقد تطور معنى كلمة أدب عند العرب منذ أيام ما قبل المهلهل وحنى يومنا هذا, ففي الجاهلية كانت تعني هذه الكلمة الدعوة للطعام قال طرفة بن العبد:
نحن في المشاة ندعو الجفلى لا ترى الأدب فينا ينتقر
وفي لسان العرب: بعير أديب ومؤدب: إذا ريض وذلل. قال مزاحم العقيلي:
وهن يصرفن النوى بين عالج ونجوان تصريف الأديب المذلل
أما في العصر الإسلامي فقد استخدمت كلمة أدب بمعنى خلقي تهذيبي فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ( أدبني ربي فأحسن تأديبي ).
وفي حديث ابن مسعود: ( إن القرآن مأدبه الله في الأرض )
وبالمعنى الخلقي التهذيبي قال الشاعر المخضرم سهل بن حنظلة الغنوي:
لا يمنع الناس مني ما أردت ولا أعطيهم ما أرادوا حسن ذا أدبا
أما في العصر الأموي فقد استعملت كلمة المؤدب بمعنى تعليمي فالمؤدبون هم الذين يعملون أبناء الخلفاء الأخلاق والثقافة والشعر والخطابة وأخبار العرب وأنسابهم وأيامهم الجاهلية والإسلام.
وفي العصر العباسي استعملت كلمة أدب بمعنييها التهذيبي والتعليمي فقد سمى ابن المقفع رسالتين له تحملان حكماً ونصائح وسياسة ب / الأدب الصغير – الأدب الكبير /.
وبالمعنى نفسه أفراد أبو تمام في كتاب الحماسة بابا فيه مختارات من طرائف الشعر سماه باب الأدب وكذلك باب الأدب في الجامع الصحيح للإمام البخاري ت 256ه وكتاب الأدب لابن المعتز ت 296 ه.
وقد كان القرنان الثاني والثالث الهجريان مرتعاً لكتب الأدب التي تحوي فصولاً وأبواباً من الأخبار والشعر واللغة والبلاغة والنقد والحديث والقرآن ككتاب البيان والتبيين للجاحظ والكامل للمبرد وعيون الأخبار لابن قتيبة.... وأصبح معنى كلمة الأدب هو الأخذ من كل علم بطرف وقد شمل معناها المعارف الدينية وغير الدينية التي ترقى بالإنسان من جانبيه الاجتماعي والثقافي.
ومن الطريف أن إخوان الصفا قد صنفوا تحت كلمة أدب جميع علوم اللغة والبيان والتاريخ والأخبار والسحر والكيمياء والحساب والمعاملات والتجارات.
ولم يخرج ابن خلدون ت 808 ه.في تعريفه للأدب عن سابقيه من حيث كونه الأخذ من كل علم بطرف وبناء على ما سبق يمكن القول إن الأدب هو فكر الأمة الموروث والذي يعبر عنه الشاعر أو الكاتب بلغة ذات مستوى فني رفيع تنقل بشفافية موروث الأمة الاجتماعي والسياسي والفكري والاقتصادي والإنساني والحضاري ومن خلال ذلك نستطيع اعتبار الموروث منذ أيام الملك الضليل إلى يومنا هذا بجميع جوانبه الفكرية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية.